القائد أوجلان في مرافعته :كان عليّ التحصين بحجج عظيمة وسامية تمكّنني من تحمّل العزلة

يشير القائد أوجلان في مرافعته “مانفستو الحضارة الديمقراطية ” المؤامرة التي استهدفت الملايين من خلاله متسائلاً” كيف لكم أن تضعوا الملايين في غرفة ضيقة كهذه.

إمرالي ذائعة الصيت تاريخياً بكونها جزيرة تطبق فيها الأحكام الصادرة بحق مسؤولي الدولة رفيعي المستوى، مناخها رطب للغاية، وقاسي للغاية، وأقرب إلى تحطيم بنية الإنسان جسدية. وبإضافة العزلة داخل حجرة انفرادية مغلقة إلى ذلك، يزداد تأثيرها المهلك على البنية أكثر. علاوة على أني نقلت إلى الجزيرة وأنا على عتبة طور الكبر في السن. لقد أبقي عليّ تحت مراقبة قيادة القوات الخاصة لمدة طويلة من الزمن.وكان عالم الاتصال لدي يتشكل من زيارة الأقارب لنصف ساعة كل عدة شهور، ومن لقاء المحامين بي أسبوعياً، والذي كثيرا ما تم حظره بذريعة سوء الأحوال الجوية.

ولكنه لا يمكن أن يكون علاقة كافية للثبات بصمود. وعليه، كان ذهني وإرادتي هما اللذان سیعينان مدى صمودي وبقائي قويماً ومتيناً.

كنت قد انزويت بنفسي، وهيأتها للوحدة منذ أن كنت طليقاً. وبتّ خبيرة في الترفع عن علاقات الارتباط الوثيق، سواء بالعائلة أو الأقارب أو الرفاق والأصدقاء المقربين. وبالرغم من أهمية العلاقة مع المرأة، إلا إنها – هي أيضأ – كانت ساحة علاقات تجردتُ منها. لكن كل هذه التجارب لا تكفي لإيضاح ماهية قوتي في التحمل داخل إمرالي.

هذا وعليّ عدم المرور على الأمر دون ذكر نقطة أخرى، ألا وهي أن المؤامرة المدبرة ضدي في سياق إمرالي، كانت من النوع الذي لا يبقي حتى على وميض صغير من الأمل. وكان الحكم عليَّ بالإعدام، والإبقاء على الحرب النفسية في الأجندة مدة طويلة من الزمن، يصبّ في هذا الهدف، فحتى أنا لم أكن أتصور في الأيام الأولى كيف سأتحمل هنا.فدعك من مرور الأعوام، بل كنت لا أستطيع تصوّر قضاء عام واحد فقط هنا. وكانت تشكلت لدي فكرة مفادها :

“كيف لكم أن تضعوا ملايين الناس في غرفة ضيقة!”. وبصفتي قيادة كردية وطنية، فبالفعل كنت جعلت نفسي، أو فرض على جعل نفسي تركية جديدة تحتوي الملايين بين ثناياها في ظل ظروف دخولي السجن. هكذا كان يراني الشعب أيضا. فبينما كان المرء غير قادر بتاتا حتى على تحمل فراقه عن عائلته وأطفاله، فكيف كان لي أن أتحمل فراقي عن إرادة الملايين المستميتة على الاتحاد والوحدة .تخيلوا حاله عاشق حقق انطلاقة اللازمة لعشقه الأول، ولكن يديه بقيتا عالقتين في الهواء في الحين الذي كانت نار الحب ستضرم فؤاده، وانطلاقات الحرية التي أنجزتها في الميادين الاجتماعية، كانت قد بقيت جميعها عالقة هكذا في الهواء. إذ كدت أذوب من شدة الانهماك بميادين الحرية المجتمعية، بحيث لم أترك ورائي شيئا ملحوظا اسمه” الأنا”.

وفترة السجن كانت قد ابتدأت في هكذا لحظة على الصعيد الاجتماعي.إذ كان ينبغي عليّ التحصين بحجج عظيمة وسامية تمكنني من تحمل العزلة، ومن إثبات مقدرتي على عيش حياة عظيمة حتى ضمن ظروف العزلة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى