تصدع العلاقات بين موسكو وأنقرة على وقع تطورات إدلب السورية ومقتل جنود الاحتلال

تشهد العلاقات الروسية ـ التركية تصدعاً على وقع التقدمات الميدانية التي تحرزها قوات النظام على حساب المجموعات المرتزقة التابعة لتركيا في إدلب، وخاصة بعد مقتل ثمانية جنود لجيش الاحتلال في إدلب، وعدم إصغاء موسكو لتهديدات أردوغان بشن هجوم ضد حليفها النظام.

على وقع التطورات الميدانية المتسارعة في محافظة إدلب ، تشهد العلاقات الروسية التركية تصدعاً، مع تصاعد المواجهات بين النظام وقوات الاحتلال التركي .

ورغم أن الأرضية التي بنى كلا الدولتين علاقاتهما عليها تأتي في إطار تلاقي المصالح؛ الاقتصادية والتجارية منها على وجه التحديد، إلا أن التقارب الروسي ـ التركي في الملف السوري جمعها البعد السياسي والجيوستراتيجي لسوريا التي تشكل أهمية مستقبلية لكليهما.

فبالنسبة لروسيا تشكل سوريا موطئ قدمها الوحيد في المياه الدافئة، لتعزيز نفوذها وإدارة المواجهة مع الولايات المتحدة وبقية الخصوم. فيما ترى تركيا الأردوغانية مستقبل سوريا جزءاً من أمنها القومي، تدفعها إلى ذلك فوبيا أردوغان من إحتمال حصول الكرد على مكاسب سياسية وقانونية مشروعة في الدستور السوري المستقبلي.

وبدأ تلاقي المصالح الروسية والتركية في سوريا، في أعقاب الابتعاد التركي عن المعسكر الغربي، وجنوح رئيسها أردوغان نحو روسيا وإيران، في إدارة الملف السوري. حيث تلاقت مصالح ما بات يعرف بـ “ثلاثي الصفقات” روسيا، تركيا وإيران، هذه الدول التي جعلت عبر وكلائها في سوريا من الجغرافية السورية وشعبها مادة في تجارتهم البينية، فكانت مقايضات المدن والمناطق، واتفاقات التهجير السكاني أبرز نتائج هذه الصفقات التي تمخضت عن ما يسمى مسار أستانا، وفي خضمها تفاهمات سوتشي بين الثنائي أنقرة وموسكو.

الاحتلال التركي لمناطق في الشمال السوري، كانت أيضا من أبرز المقايضات التي أجرتها روسيا مع تركيا، كجزء من سياستها في إبعاد النفوذ الأمريكي عن الملف السوري لتستفرد موسكو به مع شريكتها أنقرة، إلا أن لحظة الحقيقة بين تركيا وروسيا، أو بين أردوغان وبوتين تقترب، على وقع تصاعد المواجهات بين جيش الاحتلال التركي وقوات النظام؛ حليفة روسيا، في إدلب، خاصة بعد مقتل ثمانية جنود لجيش الاحتلال قبل أيام، في هجوم لقوات النظام على النقاط الاحتلالية لتركيا في إدلب. حيث لم تصغ روسيا لتهديدات أردوغان، الذي أمهل النظام سحب قواته من المناطق التي تقدمت إليها مؤخراً على حساب مجموعاته المرتزقة , ومع ذلك ، فإن السلوك الروسي لم يكن مفاجئاً، حيث أصبح من الواضح أن سلسلة إعلانات وقف إطلاق النار في إدلب كانت مؤقتةً حتى المعركة التالية ليأتي النظام على تلك المنطقة بسياسة القضم.

ويرى مراقبون أنه لم يعد بإمكان أردوغان الابتعاد عن السفينة الروسية، فباستثناء الملف السوري هناك اتفاقات اقتصادية واستراتيجية كبيرة، بين الطرفين، كما أن سلوك أردوغان في المنطقة، وخاصة غزوه لشمال سوريا دون التنسيق مع حلفائه السابقين، واحتضانه للجماعات المتطرفة، أبعدت أنقرة كثيرا عن الدول الغربية وخاصة الاتحاد الأوروبي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى