عودة العلاقات الأمنية بين أنقرة ودمشق تستهدف المشروع الديمقراطي في سوريا

رغم أن تصريح وزير خارجية الاحتلال التركي حول التعامل مع حكومة دمشق أثار الدهشة للأوساط التي تراقب الشأن السوري واعتبر تحولاً لافتاً في موقف أنقرة إزاء الملف السوري، إلا أن تحرك سلطات الاحتلال التركي كان متوقعاً لجملة من العوامل الاقليمية والعالمية.

بالرغم من ان دولة الاحتلال التركي وعلى مدى الازمة السورية كانت تروج على انها تقف مع مطالب السوريين ضد حكومة دمشق ومنظومتها إلا أن الواضح لم تنقطع العلاقات اساسا على المستوى الامني والاستخباراتي وهذا ما كشفه مولود جاووش أوغلو وزير خارجية دولة الاحتلال التركي عن تعاون بلاده مع حكومة دمشق على المستوى الأمني، للمرة الثانية خلال أقل من عام، ما أثار الكثير من التساؤلات عن طبيعة هذا “التعاون” وما ستكون نتائجه على الساحة السورية.

يقول الباحث المصري في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي في حديثه لوكالة هاوار أنه لا يمكن الحديث عن تنسيق أمني بين الطرفين بدون ربطه بعدد من التطورات الإقليمية والدولية أولها الأزمة الأوكرانية إضافة إلى عمليات المصالحة مع الدول العربية ، ولكن لا يمكن الحديث عن ذلك إلا بعد فرض دمشق شروط مسبقة على النظام التركي تضمن التخلي عن الأراضي التي احتلتها تركيا.

وعن دوافع التوجه التركي نحو حكومة دمشق، يقول محمد ربيع الديهي بأنها “تتمثل في فشل المخطط التركي في سوريا والمنطقة، الأزمة الاقتصادية في تركيا والتدخل في الملفات العربية، ناهيك عن الدور الروسي وهو ما قد يدفع للضغط على تركيا للتصالح مع حكومة دمشق”.

ولا يستبعد المراقبون للشأن التركي أن تقدم أنقرة على تنازلات مع أية جهة كانت تفضي إلى إضعاف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية

وكان لافتاً أن الإعلان التركي جاء بالتزامن مع تصعيد عسكري على الأرض، عند استهداف مناطق واسعة من شمال وشرق سوريا، بما فيها كوباني وعين عيسى وتل تمر ومناطق الشهباء، إضافة إلى استهداف طيران الاحتلال التركي المسير المنطقة لأكثر من مرة، بعد منتصف شهر نيسان/أبريل.

وينظر السوريون بريبة إلى أي تقارب بين النظام التركي وحكومة دمشق، لاسيما أن مطالب الشارع السوري تتمثل الآن بوجوب تحرير المناطق السورية التي تحلتها تركيا، لا أن تتعاون الحكومة مع دولة الاحتلال، ما يمكن أن يشرع احتلالها للأراضي السورية.

ولدى تركيا أطماع لا تخفيها في سوريا، تتمثل باحتلال كامل الشريط الحدودي شمالاً وبعمق لا يقل عن 30 كيلو متراً، والإجراءات التركية في المناطق المحتلة تظهر حقيقة نواياها، وهذا ما يدفع نحو الاعتقاد أن أي تقارب بين دمشق وانقرة لن يكون في مصلحة الأولى ولا في مصلحة السوريين، وأن الخاسر سيكون البلد الذي أنهكته الحرب منذ أكثر من عقد من الزمن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى