الحراك الدبلوماسي للإدارة الذاتية الديمقراطية..بين المنجزات والتحديات

أنجز الحراك الدبلوماسي للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا العديد من المهام الجوهرية منذ انطلاق ثورة الـ 19 من تموز 2012, واليوم تقع على كاهله مسؤوليات إضافية في ظل تهديدات الفاشية التركية بعدوان جديد على مكتسبات شعوب المنطقة.

مع انطلاق الحراك الشعبي المطالب بالحرية في سوريا عام 2011؛ استشعر أبناء شمال وشرق سوريا ضرورة تغيير واقع التهميش الذي فُرض على المنطقة منذ عدة عقود, الأمر الذي حدا بهم لتبني ثورة تنتهج خطاً بعيداً عن التجاذبات الإقليمية والدولية التي باتت تكتنف دول الشرق الأوسط بعد ما سُمي بثورات “الربيع العربي”.

وقد أسهم وجود قوى منظمة في المنطقة بالدفع نحو نضوج سريع للثورة ومبادئها وأهدافها؛ فمع بزوغ فجر الـ 19 من تموز من عام 2012 انطلقت ثورة أبناء شمال وشرق سوريا بكافة مكوناتها, للمطالبة بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

لاقت الثورة منذ انطلاقتها الكثير من الفخاخ التي رسمتها منظومات استعمارية إقليمية ودولية؛ في سعيٍ منها لإخماد أي فكرة للخروج من تحت عباءاتها الشمولية التي حكمت عن طريقها على مدار عقود خلت, وكان الخط الثالث الذي انتهجه أبناء المنطقة في ثورتهم والمُستقى من أفكار القائد عبد الله أوجلان, بمثابة ناقوس الخطر الذي دق في آذان هذه المنظومات.

في هذه الأجواء نشأ مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا, مواجهاً معاداة مزدوجة من حكومة دمشق وحلفائها من جهة ومن القوى الراديكالية التي التحفت مطالب السوريين بتوجيه من الفاشية التركية ومنظومة ما تسمى “أصدقاء الشعب السوري” من جهة أخرى.

الأمر الذي استدعى تدخلاً مباشراً من الفاشية التركية التي أخذت تقتطع أجزاءً من سوريا وتعيث فساداً في الأرض, وتُقتِّل السوريين أينما وُجدوا على هذه الأرض.

نجاح الإدارة الذاتية في التصدي لهذه المؤامرات, أجبر القوى العظمى على عقد علاقات دبلوماسية وعسكرية معها, وتوَّجهُ التشارك مع التحالف الدولي في محاربة مرتزقة داعش, إضافة لافتتاح مكاتب تمثيل للإدارة الذاتية في عواصم عديدة في أوروبا وغيرها, وزيارات متتالية قامت بها وفود دبلوماسية إلى شمال وشرق سوريا.

وقد أثمر الحراك الدبلوماسي الناجح للإدارة الذاتية العديد من النتائج الإيجابية؛ والتي تمثلت بالتعريف بمشروع الأمة الديمقراطية أمام العالم, والمساعدة في محاربة مرتزقة داعش, وكشف مخططات الفاشية التركية أمام العالم أجمع, إضافة إلى تلبية احتياجات شعوب شمال وشرق سوريا.

ولعل أبرز معالم هذه الدبلوماسية؛ توجهها لعقد علاقات مع شعوب العالم إلى جانب العلاقات الاعتيادية مع الحكومات والدول والمنظمات, كما اتسمت بحملها لأفكار وتطلعات أبناء شمال وشرق سوريا لهذه الشعوب, لتتشارك معها في بناء عالم خالٍ من الصراعات والتجاذبات.

واليوم؛ ومع تزايد تهديدات الاحتلال التركي بشن عدوان جديد على مناطق شمال وشرق سوريا, بات كاهل هذه الدبلوماسية مثقلاً بمعالم الدور الواجب لعبه في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ شعوب المنطقة. هذا الدور الذي يتمحور حول مركزية المقاومة في هذا المشروع. المقاومة التي ستجعل أبناء المنطقة يتخطون هذه المرحلة كما تخطوا مراحل سابقة بعزيمةٍ وإصرار.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى