تصريحات رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد لفضائية روناهي

أجرت فضائية روناهي لقاءاً خاصاً مع رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية إلهام أحمد، وتمحور الحوار حول زيارة وفد من مسد والإدارة الذاتية إلى كل من موسكو وواشنطن والتهديدات التركية ضد شمال وشرق سوريا وحوار الإدراة الذاتية مع دمشق.

وفيما يلي نص الحوار الكامل:

* ما أهمية توقيت هذه الجولة الدبلوماسية في موسكو وواشنطن بالتزامن مع التطورات الأخيرة التي حدثت مثل لقاء ماكغورك – فيرشنين واستدعاء بشار الأسد إلى موسكو، ولقاء بوتين – أردوغان والتطورات في الجنوب السوري، ومناطق شمال -غرب سوريا، بالإضافة إلى التهديدات التركية، في ظل مجمل هذه التطورات، كيف يمكن تقييم هذه الجولة الدبلوماسية ؟

إلهام أحمد: التواصل مع العالم الخارجي دائماً كان موجود، وفي هذه الفترة حدثت زيارة فيزيائية من قبل وفدنا إلى كل من موسكو وواشنطن، ومن الممكن أن تكون هناك زيارات أخرى إلى دول مختلفة. توقيت الزيارة مهم بالنسبة إلى الأوضاع السياسية التي تشهدها سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي. حيث بدأت محادثات بين الطرفين الروسي والأمريكي فيما يخص الملف السوري، وكان من الضروري أن نكون موجودين ضمن هذه المحادثات بشكل أو بآخر، فالتواجد والمشاركة في هذه المحادثات هام جداً بالنسبة لنا، خاصة في مجال طرح الحل السياسي وآليته وإمكانية الوصول إلى تفاهمات سياسية، بما يخص الأزمة السورية، هذا مهم جداً. هذه الزيارة أتت في هذه المرحلة، خاصة أن الصراع وصل إلى مرحلة “التجميد”، بالتالي كان من الضروري طرح مواضيع مهمة جداً من طرفنا للمجتمع الدولي، ليتم الاهتمام بها ومناقشتها ووضعها على الطاولة بين الأطراف الموجودة والمتدخلة في الشأن السوري.

* مع من التقيتم في موسكو،ماهي أسباب الزيارة إلى موسكو، هل هناك رؤية روسية جديدة بخصوص سوريا، أو دلالات بدأ مرحلة جديدة بخصوص الملف السوري ؟

مستوى التأثير الروسي في الملف السوري مهم جداً، خاصة أنها موجودة منذ عدة سنوات، والملف السياسي بيدها حالياً، وهي على تواصل وأيضاً داعمة لطرف النظام السوري بشكل مستمر كما هو معروف. بذلت روسيا جهود أكثر مما هو موجود، وبإمكانها أن تلعب دور للانتقال إلى حل سياسي، حتى الآن تركز الدور الروسي على الجانب العسكري وكيفية فرض سيطرة النظام على كامل الأراضي السورية. ولكن في الجانب السياسي كان هناك ضعف، خاصة من ناحية الضغط على النظام وإجباره على الجلوس على طاولة المفاوضات وكيف يمكن للنظام الانخراط ف يالحل السياسي. ومن الضروري انتقال الروس إلى هذه المرحلة، باعتبار أن الملف السوري وما يدور فيه من صراعات وصل إلى مرحلة “لايمكن التقدم فيه لأكثر من ذلك في المجال العسكري”، إنما لعب الدور السياسي والانشغال بالملف السياسي، سيفتح الطريق أمام الحلول العسكرية أي أنه سينهي الأساليب العسكرية في تصفية الحسابات، وفي إنهاء الأزمة السورية.

* هل بات الروس مقتنعين أن الوضع يتطلب تدخل سياسي أو حل سياسي بعيداً عن الصفقات والعمليات العسكرية التي جرت، والتي بموجبها سيطرت قوات الحكومة السورية على مساحات واسعة من البلاد، هل يمكن القول أن الظروف باتت مهيئة للحل السياسي، من وجهة نظر الروس ؟

الوضع السوري وصل إلى مرحلة يصعب فيه مقايضة المناطق، والاستمرار في تبادل منطقة بأخرى، الوضع لم يعد يحتمل هكذا اتفاقات، من الضروري البحث عن حلول جذرية بخصوص الحل في سوريا. بمعنى إن تحدثنا عن درعا فلابد من وجود حل جذري، وكذلك بالنسبة لشمال وشرق سوريا، وهكذا بالنسبة لإدلب والمناطق الأخرى أيضاً. فالحلول الجزئية لاتؤدي إلى حل شامل، ونحن رأينا أن الروس كانوا مهتمين إلى الآن بكيفية فرض سيطرة النظام على كامل الجغرافية السورية، خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الفصائل (مرتزقة تركيا) وهذا ما نراه في إدلب في الفترة الأخيرة، لذلك نرى بأنه من الضروري البحث عن حلول جذرية بما يخص الملف السوري.

* ماذا طرح الروس على مجلس سوريا الديمقراطية بخصوص مناطق شمال وشرق سوريا ؟

ماتم نقاشه بخصوص مناطق شمال وشرق سوريا، هو موضوع الحوار مع النظام، وكيف يمكن أن تلعب الحكومة الروسية أن تلعب دور الضامن. كان لهم محاولات سابقة أيضاً. ولكن المحاولات لوحدها لا تكفي، يجب أن يكون الطرفين مستعدين لخوض العملية السياسية. النظام دائماً كان له دور سلبي في تطوير الحوار. نحن لا نزال نرى بأن الموقف السلبي مصدره النظام، أي أننا لم نجد بوادر بأن النظام سينخرط ضمن عملية سياسية جادة أو حوار سياسي جاد، سواء بما يخص شرق الفرات أو الأزمة السورية بشكل عام، لذلك نحن طرحنا عليهم كيفية لعب دور بالضغط على النظام ويكونون ضامنين لحوار سياسي، وهم أبدوا استعدادهم للقيام بهذا الدور. ولكن هل سيبدأ الحوار من الملف الاقتصادي أو التعليمي أو ما شابه، هذه الأمور سيتم متابعتها في المرحلة القادمة.

* هل تعتقدين أن الروس سيقومون بدورهم في إطار الحوار بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية ؟

نعم، رأينا هذه النية من جهتهم، سابقاً كانت موجودة والآن أيضاً.

* بالتزامن مع هذه اللقاءات، هناك تهديدات مستمرة من جانب الاحتلال التركي، ضد مناطق شمال وشرق سوريا. ألتقيتم مع المسؤولين الروس وتطرقتي في حديثك أيضاً أنه من المستبعد عقد صفقات مقايضة، كيف يمكن تقييم وجهة النظر الروسية بخصوص التهديدات التركية الأخيرة، هل يمكن أن تمنح روسيا الضوء الأخضر لتركيا، لشن هجوم على هذه المنطقة ؟

الروس مسؤولون عن المناطق التي يتواجدون فيها، بما فيه الشريط الحدودي مع تركيا، سواء في عفرين أوتل رفعت أوالشهباء أو في شرق الفرات. هم مسؤولون عن استقرار هذه المناطق، نسبة إلى الاتفاق الذي حدث بينهم وبين تركيا عام 2019، من الضروري الحفاظ على هذه الاتفاق. هناك أمور يتم الحديث عنها، بناء على التهديدات التركية وبعض العمليات التي تحدث، الجميع يعلم بأنه هناك صراعات بين الفصائل التي تحكم هذه المناطق. نسمع هذه الأخبار يومياً من عفرين بأن هناك اشتباكات بين هذه الفصائل، وذلك للاستيلاء على حي معين أو منازل سكان عفرين أو حول الغنائم التي استولوا عليها نتيجة العملية الاحتلالية. فمن الغير الصحيح اتهام قوات سوريا الديمقراطية أو وحدات حماية الشعب وسكان المنطقة بهذه الاشتباكات، لذا يجب أن تقوم هذه الدول بواجباتها، خاصة روسيا الضامنة في المنطقة، ولابد أن تطلب من تركيا بالانسحاب من هذه المناطق، ولعب دورها في كيفية عودة النازحين والمهجرين قسراً، إلى منازلهم، وإن تحملت روسيا هكذا مسؤولية سيكون ايجابي جداً حقيقىةً.

* هناك حديث عن توترات في العلاقات الروسية – التركية بخصوص سوريا، حيث قصفت الطائرات الروسية نقاط مرتزقة الاحتلال التركي عدة مرات في عفرين وبقية المناطق أيضاً، هل يمكن أن يحدث تصادم روسي – تركي في شمال سوريا ؟

أرى أن من الصعب حدوث تصادم بينهما، خاصة أن الدول لديها مصالح مشتركة. أصبحت سوريا مسرحاً لصراع الدول، سواء كانت إقليمية أو دولية مع الأسف وأتمنى أن يكون هناك عقلانية فيما يخص القضية السورية بالكامل، وبدل التصادم يمكن للروس الطلب من الدولة التركية بالانسحاب من الأراضي السورية، كي لا يقع ضحايا آخرين وفتح مجال للسوريين للعودة إلى مسكنهم الأصلي بشكل آمن، أي أن أهالي الغوطة وإدلب وعفرين وتل أبيض/كري سبي ورأس العين/سري كانيه يجب أن يعودوا إلى منازلهم، حتى اللاجئين المتواجدين في تركيا أو دول أخرى. هذه عملية مهمة جداً. ومن الضروري أن تلعب روسيا هذا الدور.

* قبل فترة حدث لقاء بين الرئيسين الروسي والتركي، ولكن ما تزال نتائج الاجتماع مبهمة. وتقول بعض التقارير أن روسيا طلبت من الاحتلال التركي، سحب بعض نقاط المراقبة من الشمال السوري، وبعد ذلك استقال عدد من الضباط الأتراك، ماذا يعني ذلك؟ بعيداً عن التصادم العسكري، هل يمكن القول أن المصالح الروسية والتركية باتت متضاربة بخصوص الملف السوري ؟

جميع اجتماعات سوتشي كانت بخصوص نقاط المراقبة وسحب الفصائل من بعض المناطق، خاصة المنطقة “العازلة” (الحد الفاصل بين قوات النظام والفصائل) كما ذكروها، كان من المفترض أن تجبر تركيا الفصائل بحسب قواتهم مع الأسحلة من نقاط التماس لكنها لم تنفذ هذا الاتفاق، والقصف الروسي على نقاط الفصائل هو عبارة عن عملية ضغط على الجانب التركي، لإخلاء المنطقة التي تم الاتفاق عليها في سوتشي وفتح الطريق الدولي، هذه النقطة الأساسية التي تم التركيز عليها، وهذه أيضاً تخدم مصالح دولية. خاصة بأن الجميع يعلم بأن مناطق الفصائل يوجد فيها عناصر من داعش والقاعدة ومجموعات متشددة، وتشكل تهديد على الأمن الدولي، والرأي العام والدول يعلمون ذلك، وعملية الفصل بين الفصائل المعتدلة والمتشددة في تلك المناطق صعبة جداً، لأن الجميع يدرك بأنه لا توجد فصائل معتدلة في تلك المناطق، أنما هي متشددة وتابعة للقاعدة، بالتالي تصفية الوضع هناك بحيث يؤدي إلى الاستقرار مهم جداً، ولكن كيف؟ هل سيكون بتوافق دولي أو عن طريق معركة هذا غير واضح، حتى الآن الأمور تسير وفق التوافق الدولي بين تركيا وروسيا، لكن هل هذا سيتحقق أم لا، لا أحد يعلم.

* هل هناك مواضيع أخرى ناقشتموها مع الجانب الروسي بخصوص مناطق شمال وشرق سوريا، على سبيل المثال مشاركة مسد والإدارة الذاتية في الحل السياسي ؟

هذا دائماً موضوع نقاش جميع الأطراف، سواء في هذه الزيارة أو غيرها. إشراك الإدارة الذاتية ومسد في العملية السياسية مهم جداً. والجميع يعلم بأن عدم إشراك هذا المكون السياسي في العملية السياسية، لن تكون هناك عملية سياسية حقيقةً. واستمرار الفيتو في عدم إشراك الإدارة الذاتية ومسد ضمن العملية السياسية، مضيعة للوقت وهذا يعني فشل العملية السياسية. وهذا يعني أيضاً أن العملية السياسية تسير وفق ضغوطات دولية وأن الدول يتحكون بالعملية وليس السوريين، بمعنى أن العملية لاتجري بموافقة سورية أو قرار سوري. بالتالي مهما حدث والنتائج التي ستخرج من هذه العملية، لن تخص السوريين، أنما ستكون في خدمة الدول المستفيدة فقط.

* ننتقل إلى موضوع زيارتكم إلى واشنطن. الولايات المتحدة تنسق مع قوات سوريا الديمقراطية في إطار محاربة داعش فقط، ولكن هذه المرة استقبلت وفد من مسد والإدارة الذاتية، والتقيتم مع مسؤولين في البيت الابيض ومؤسسات أمريكية أخرى، بناء على ذلك، هل باتت واشنطن منفتحة سياسياً على الإدارة الذاتية ؟

سابقاً كان لدينا كمسد لقاءات في واشنطن، ولكن هذه المرة شاركت الإدارة الذاتية أيضاً في اللقاءات. أمريكا أيضاً مسؤولة عن استتباب الأمن والاستقرار في سوريا. هي كانت موجودة منذ أعوام في هذا الملف ولا تزال. بالرغم من أنها ميدانياً وعسكرياً، موجودة في قسم صغير من الجغرافية السورية، ولكن أعتقد أن دورها وتأثيرها في الملف السوري، مهم جداً أيضاً. خاصة أنها بدأت بمحاربة الإرهاب عن طريق دعم وحدات حماية الشعب في كوباني وحققت نجاح واستمرت بذلك. ولكن مكافحة الإرهاب لا تتحقق على الصعيد العسكري فقط، أنما على الجانب المدني. لذلك يجب أن يضاف على الجانب العسكري الجانب المدني أيضاً. فـتأهيل البنية التحتية لهذه المنطقة وتوفير فرص العمل والحد من التهديدات مهم جداً. والاهتمام الأمريكي يصب في هذا المجال. وأمريكا مسؤولة عن موضع إعادة التأهيل، كون المعارك التي حدثت في المنطقة كانت كبيرة وضخمة. وذلك من الطبيعي أن تقوم بدورها في هذا المجال لترسيخ الاستقرار.

* منذ تسلّم جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة يُقال أنه هناك غموض في الموقف أو الاستراتيجية الأمريكية بخصوص سوريا، هل تلمستم أي تغير في الموقف الأمريكي بعد مرور حوالي عام من وصول الإدارة الأمريكية الجديدة إلى الحكم ؟

ما شاهدناه، بأن خطوات الإدراة الأمريكية البطيئة، لايعني بأنها تخلق فراغ. إنما البطء في خطو الخطوات، يعطي إعطاء مجال لأهالي المنطقة لطرح مشروعهم ويناقشون أفكارهم وما هو مناسب لهم. سواء كان للإدارة الأمريكية او لأطراف دولية أخرى. بالتالي نجد بأن هذه النقطة مهمة جداً، عندما تهتم الولايات المتحدة بمطالب سكان المنطقة، وأمريكا لا تفرض مشروعها ومطالبها وشروطها على سكان المنطقة. هذه المعادلة عكسية. هناك إدعاءات بأن لأمريكا مشروع تقسيمي، ولكن حقيقةً نحن نجد أن سكان المنطقة أي خمسة ملايين نسمة يطالبون بمشروع الإدارة الذاتية وسوريا الموحدة، وإن اهتمت أمريكا بهذا المشروع، سيكون نموذجياً في كامل الشرق الأوسط. وبالتالي نجد بأن ضبابية الاستراتيجية الأمريكية، تفتح المجال لأهالي المنطقة بطرح ماهو مناسب لمنطقتهم.

* مع من التقيتم في واشنطن وماذا ناقشتم؟ وهل هناك مشاريع أمريكية واضحة لدعم متواصل ومستمر لشمال وشرق سوريا ؟

الولايات المتحدة مستمرة في الدعم ضمن إطار مكافحة الإرهاب. وممكن أن يكون هذا في إطار الجانب الخدمي أيضاً، لترسيخ الاستقرار واستتباب الأمن، بالتالي هذا سيفسح مجالاً أمام سكان المنطقة، ليبنوا نفسهم بنفسهم من جديد.

* في إطار هذه الاستراتيجية الأمريكية الداعمة لشمال وشرق سوريا والتي تهدف لتحقيق الاستقرار ودعم البنية التحتية والبناء، هناك تهديدات تركية ضد المنطقة التي تسعى واشنطن لضمان الأمن والاستقرار فيها، ألا يعتبر ذلك تناقض مع الأهداف الأمريكية، يعني أمريكا تبني منطقة وتركيا تحاول تدميرها، هنا الا يتطلب موقف واضح من قبل الولايات المتحدة حيال التهديدات التركية ؟

نحن تحدثنا في البداية عن مسؤولية الجانب الروسي في الحفاظ على استقرار المنطقة، وبنفس الوقت نتحدث عن دور الولايات المتحدة أيضاً بعدم فتح مجال أمام هجوم تركي جديد على المنطقة. فنحن رأينا نتيجة الهجوم السابق في عام 2019 والكارثة التي حلت بالمنطقة. فهذا يضر بمصلحة الأمن الدولي بشكل عام. فعندما يكون هناك تصعيد تركي، الخلايا النائمة لداعش تنتعش من جديد وتبدأ بتنفيذ العمليات، بالتالي تزداد التهديدات من أطراف أخرى متربصة بالمنطقة. لذلك نرى من الضروري أن تتحمل الولايات المتحدة مسؤوليتها بعدم فتح مجال أمام أي هجوم تركي، سواء في شرق أو غرب الفرات. لذا يجب إغلاق الطريق أمام الحجج التركية، فهي دائما تتحجج “بالحفاظ على الأمن القومي التركي”. هنا أنا أسأل، إن كان لتركيا أمن قومي داخلي، هل ليس لدينا أمن وطني؟ نحن السوريون لدينا أمن وطني، على تركيا أن تراعي أمننا الوطني أيضاً، فأي هجوم تركي، سنعتبره تهديد ضد الأمن الوطني السوري وسنقوم بواجبنا تجاه أي هجوم تركي.

* عندما كنت في واشنطن، تحدثت عن الحوار مع جميع الأطراف بما فيهم تركيا، على أي أساس يمكن إطلاق حوار مع الجانب التركي الذي يحتل مناطق واسعة من سوريا، وهل هذا يتطلب رعاية دولية من قبل الولايات المتحدة أو روسيا أو أطراف أخرى لرعاية اي حوار مستقبلي محتمل مع الجانب التركي ؟

إنهاء الاحتلال التركي من المناطق التي تسيطر عليها هو من أولوياتنا. وإن كان هذا عن طريق الحوار نحن منفتحين للحوار، لإنهاء الاحتلال وفتح الطريق أمام عودة السوريين والكرد إلى مسكنهم الأصلي. والدول أيضاً مسؤولة في هذا الموضوع، خاصة الطرفين الروسي والأمريكي، وباعتبار أن تركيا لا زالت عضو في الناتو والتحالف الدولي، فتلك الدول أيضاً مسؤولة. لذا من الضروري إيقاف الهجمات التركية على الشعب الكردي بشكل عام، فهي تهاجم بذريعة محاربة الإرهاب وهي تنظر إلى أي كردي على أنه إرهابي، وتستهدف وجوده وكيانه وتاريخه وكل مايخص الشعب الكردي وتسعى لإنهاءه وتستهدف كل من يتعاون مع الكرد أيضاً، لذلك العربي الذي يتعاون وضمن الاتفاق السوري معنا، هو مستهدف، والسرياني كذلك الأمر. ومن الضروري إنهاء هذه السياسة العدوانية للدولة التركية تجاه الشعب الكردي وكل مكونات المنطقة.

* أمريكا تميل للانسحاب من مناطق الصراع كما حدث في أفغانستان وهناك مشاريع للانسحاب من الشرق الأوسط بما فيها سوريا والعراق مستقبلاً، ولكن المسؤولون الأمريكيون يقولون أن سوريا تختلف عن أفغانستان ولن يكون هناك انسحاب مفاجئ، في المرحلة الراهنة. ماذا يعني ذلك، هل لأمريكا استراتيجية واضحة بخصوص الملف السوري وماذا يعني الانسحاب الأمريكي من المنطقة، ألا يعني ذلك افساح المجال أمام الروس والأتراك والإيرانيين ليحلوا مكان الأمريكان ؟

أعتقد أن التقييم بخصوص الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط ليس دقيقاً. عندما تم تنصيب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، صرّح عن استراتيجيته وكيفية قيادته للعالم مرة أخرى، حتى أنه انتقد الإدارات السابقة بأنهم أضعفوا الدور الأمريكي بقيادة العالم، وبالتالي هو سيعيد الدور الأمريكي في هذا الإطار. لذا الانسحاب من الشرق الأوسط ليس صحيحاً. ولكن من الممكن أن تتغير الأساليب، كأسلوب البقاء أو التعامل أو الآلية، مثلما حدث في العراق.

* الولايات المتحدة لديها مواقف واضحة تجاه الحكومة السورية بفرض عقوبات قاسية كقانون قيصر وترفض عمليات التطبيع معها أو أي عملية إعادة إعمار في سوريا بهدف الضغط على دمشق بخصوص الانتقال السياسي. ما موقف الإدارة الأمريكية من الحوار بين الإدارة الذاتية ودمشق ؟

نحن نسعى بأن يكون للولايات المتحدة دوراً في تطوير هذا الحوار وأن يضغطوا هم والروس على النظام لقبول الحوار أو للدخول إلى عملية سياسية جادة. والسبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية هو الحوار الداخلي. فالعمل ضمن هذا الإطار سيريح العديد من القوى والدول المتداخلة في الشأن السوري. استمرار الصراع لن يخدم إلا الأطراف التي تسعى لاستمرار النزاع وإنهاء حالة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. ونحن مستمرون مع الولايات المتحدة في هذا الاتجاه، ولكن يجب التمييز بين تعويم النظام بما هو عليه وتطوير الحوار هناك فرق، نحن لسنا مع تعويم النظام. تعويمه يعني قبوله كما هو والاستمرار في الأزمة وعدم الخوض في العملية السياسية. فنحن لا نريد أن يعود الوضع إلى فترة ماقبل 2011، إنما نسعى لعملية تغيير جادة وديمقرطية في سوريا. والعملية السياسية ستخدم في هذا الاتجاه. ونحن طلبنا من الروس والأمريكان أن يلعبوا هذا الدور.

* عدة أطراف تتهم الجانب الأمريكي بأنه يعرقل الوصول إلى اتفاقات بين الإدارة الذاتية ودمشق، ما هو الموقف الأمريكي الواضح والصريح من ذلك ؟

الأمريكان يعلمون بشكل وآلية التواصل مع طرف النظام، وهم على علم بجميع اللقاءات التي حدثت. وهذا لا يعني أن الأمريكان هم من يديرون هذه العملية. العلاقة بيننا والولايات المتحدة، لاتدخل في إطار “الآمر والمأمور”. إنما هي علاقة احترام. بما أنهم متواجدون في المنطقة ولدينا شراكة قوية بمحاربة الإرهاب، نسعى إلى أن تكون هناك شراكة قوية في تطوير الحل السياسي أيضاً. وللانتقال إلى هذا النوع من العلاقة، فمن الطبيعي وجود طرفين ذو إرادة ونحن نمتلكها في اتخاذ القرار وتصب في مصلحة السوريين وسكان المنطقة، وهم يحترمون هذا القرار. وترحيبهم بأي حوار أو لقاء، يمكن أن يصب في خدمة إنهاء الأزمة السورية، وهو أمر جيد.

* تتحدث تقارير عن تفاهمات روسية – أمريكية بخصوص الملف السوري، وتم تطبيقها إلى حد ما في الجنوب السوري، هل تلمستم ذلك خلال اللقاء مع الروس والأمريكان، هل من الممكن الوصول إلى تفاهمات بشأن الملف السوري ؟

الجنوب متأزم كثيراً، يوجد فيه ضبابية وأطراف متعددة، والسوريين ضعفاء في تلك المناطق وغير قادرين على حماية نفسهم وحتى تعاونهم مع الأطراف الدولية لا يصب في مصحلة السوريين بشكل كامل. لذلك تلك المنطقة ممكن أن تتعرض لصراعات أخرى، كما حدث في درعا منذ مدة. بالرغم أن هناك توافق دولي على تجميد الصراع، لكن هذا لا يعني بأن الصراعات ستنتهي على كامل الجغرافية السورية. ممكن أن نرى صراعات في مناطق، لكنها ستكون محلية.

* يقول مراقبون أن الروس والأمريكان متفقون على نوع من الخصوصية لمناطق شمال وشرق سوريا، هل هناك مؤشرات لذلك ؟

شمال وشرق سوريا تحافظ على خصوصيتها منذ بداية الأزمة. حيث رأينا بأن المناطق الأخرى نظمت مظاهرات وطالبت باسقاط النظام، ولكن شمال وشرق سوريا لم ترفع تلك الشعارات. فهي سعت بشكل عملي أن يكون لها خط ومشروع مختلف عن ما هو موجود أي مختلف عن النظام ومايسمى بالائتلاف. حاولت شمال وشرق سوريا أن لا تنخرط ضمن الصراع الداخلي السوري، إنما طرحت مشروعاً جديداً يختلف عن الصراعات والمشاريع الأخرى. وبالتالي طرح هذه الرؤية وهذا التصور من قبل مراقبين سواء كانوا أمريكيين أو غيرهم بالطبع هو واقعي ويعبر عن الواقع الموجود. لذا نرى من الضروري الاستمرار في هذا النهج، وأن تستمر الإدارة الذاتية في مشروعها، إلى أن تصل إلى حل نهائي وحوارات حقيقية مع أطراف متعددة، سواء من المعارضة أو النظام السوري، للتوصل إلى حل سوري شامل.

* الكل يتحدث عن القرار الأممي 2254، ولكن مراقبون يقولون أن بعد التقارب الروسي -الأمريكي لم يعد القرار ذا أهمية، خاصة أن بعض التسريبات تتحدث عن تنازل ما تسمى بالمعارضة عن بند “المرحلة الإنتقالية” في هذا القرار، ماذا تلمستم خلال زيارتكم إلى واشنطن وموسكو بخصوص تطبيق هذا القرار ؟

بالطبع عندما يتم الحديث عن مواد دستورية أو ما يخص سوريا المستقبل، هناك تشابه كبير بين ما تطلبه المعارضة وما يفرضه النظام. الصراع الموجود هو الصراع على السلطة أو من سيحكم البلاد، ولكن تخلي المعارضة عن هذا المطلب، شيئ غريب. لا أدري مدى حقيقته، ولكن من الصعب على المعارضة التي استمرت في هذا النهج وطالبت بشكل مستمر اسقاط النظام بأن تتخلى عن السلطة، بشكل فجائي ولكن لا نستبعد ذلك أيضاً، باعتبار أن النظام أعلن انتصاره ونجاحه العسكري وبالتالي تركيا بدأت تنخرط في اتفاقات مع روسيا وحتى لقاءات قد تكون غير معلنة مع النظام، والتراجع الذي يحدث في مناطق المعارضة وفق تفاهمات روسية – تركية، يخلق لدى المعارضة فكرة تخلي تركيا عنهم في يوم من الأيام وتؤدي إلى نهايات لا تخدمهم. الجميع يدعي الإلتزام بالقرار 2254 ويصرون على تنفيذه وأعتقد أنه سيستمر الاصرار عليه لفترة أخرى، ولكن من الصعب تحقيق جميع بنود هذا القرار، بدءً من اللجنة الدستورية إلى الملف الإنساني والمعتقلين وأخيراً إلى الانتقال السياسي. ونجد بأن الملف السوري بالكامل تحول إلى ملف إنساني وخالية من الحوارات السياسية. وسيستمر هذا الوضع هكذا إلى مدة لايمكن تحديدها، ولن تكون خالية من صعوبات.

إعداد وتحرير: آلان معيش

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى