بعد الانقسام الأول بين مسعود وإدريس .. الحزب الديمقراطي الكردستاني يعود للمربع الأول

بات الحزب الديمقراطي الكردستاني ذو الصبغة الإقطاعية يعرف أن بقاءه على كرسي السلطة بجنوب كردستان, تطلّعٌ منخورٌ, إلا أنه يحاول تسويق الفكرة عبر بيع الأوهام للشعب الكردي ليستمر في الحكم.

الحزب الديمقراطي الكردستاني، كأي حزب إقطاعي آخر، تابع لعائلة واحدة، لا يستطيع أن يكون استثناء عن تلك القاعدة. والانقسام الذي انتهى بغلبة مسعود على أخيه إدريس منذ العام 1979، عاد ليكشف عن انقسام جديد بين الوريثين: نجيرفان إدريس بارزاني، ومسرور مسعود بارزاني.

الأول، يحاول أن يجعل من رئاسته لإقليم كردستان شيئاً أكثر من منصب رمزي. والثاني يحاول أن يجعل من رئاسته لحكومة الإقليم أداة نفوذ سياسي وأمني.

الأول، يراهن على محافظتي السليمانية وهولير، والثاني يلقي بثقله على محافظة دهوك. الأول، يريد أن يستعيد ما فقده أبوه، أو على الأقل ألا يفقد ما فقده أبوه. والثاني، يريد أن يحافظ على إرثه الطبيعي مما قد يتركه أبوه.

انقسام الحزب الديمقراطي الكردستاني حتمي بين أسرتين تحاولان اقتسام تركة الإقطاعية

وجود “الأب” ما يزال يبدو وكأنه غطاء فوق مرجل الأيام الذي يسخن على نار هادئة. وفي لحظة من اللحظات فإنه سوف يغلي وينفجر. وحالما ينزاح الغطاء فإن الانقسام واقعٌ في النهاية، بين أسرة واحدة صارت أسرتين، لتقتسما تركة الإقطاعية.

العشرون عاماً الماضية، بما توفر خلالها من استقلال نسبي عن بغداد، واكتشاف مصادر جديدة للثروة، وغرق بغداد بالفوضى، وتحولها إلى أكبر عاصمة للنهب والفساد في العالم، أتاحت لسلطة الإقطاع السياسي في جنوب كردستان فرصا جديدة.

الثروة النفطية قضت على الاقتصاد القديم ولم تفلح في إنتاج طبقة وسطى بجنوب كردستان

مصدر الثروة النفطية الجديد قضى على الاقتصاد القديم. وكان من الطبيعي أن يعزز فرص المدينة للنمو. ولكنه لم يُفلح في إنتاج طبقة وسطى حقيقية، لا تعيش على ريع عائلة البرزاني. ومن ناحية أخرى، فقد برز حزب الإقطاع السياسي كحزب سلطة ولكنه بقي يستعين بأدوات النفوذ السابقة القائمة على الولاء العائلي.

الثروة منحت الحزب الديمقراطي مصادر تمويل تم توظيفها لخدمة مصالح العائلة والتابعين لها. وتوسعت هذه المصالح بالاستفادة من مصادر الفساد والنهب مقابل التواطؤ السياسي مع ميليشيات السلطة في بغداد.

الجيل الجديد من الكرد بات علي يقين أن إقطاعية العائلة بعيدة عن تمثيل هويته أو تطلعاته

الثقب الأسود، في كل هذا، نشأ من أن كُرد ما بعد العام 2003 لم يعودوا هم أنفسهم كُرد ما قبل ذلك التاريخ. جيل جديد نشأ. كما نشأت مدينة أكثر حرية، وشعب لم يعد يشعر بظلم خارجي يملي عليه الانتساب إلى العائلة طلبا للحماية. جيلٌ صار بوسعه أن يرى الفساد، ويلاحظ أن إقطاعية العائلة أبعد ما تكون عن أن تمثل هويته أو تطلعاته، لاسيما وأن أموال الفساد صار مقرها جنيف ولندن وليس دهوك وهولير.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى