قاضي محمد أيقونة النضال الكردستاني ومؤسس جمهورية مهاباد

يصادف اليوم الذكرى السنوية، لقيام السلطات الإيرانية بإعدام قاضي محمد مؤسس جمهورية مهاباد التي تحتل مكانة بارزة في التاريخ القومي الكردي، كونها ساهمت في صعود الحس القومي لدى الشعب الكردي وكذلك في استمرارية النضال في المراحل اللاحقة.

يعدّ قاضي محمد واحداً من ألمع الشخصيات في التاريخ الكردي، واحتل مكانة بارزة فيه، من خلال تأسيسه لجمهورية مهاباد في واقع معصوف بالأزمات واضطراب المصالح الدولية، حيث لا يزال إرث الجمهورية قائماً ويلهم الكردستانيين كنقطة مضيئة في مسيرتهم.

ولد قاضي محمد في مهاباد عام 1900 لعائلة ميسورة الحال، وتمتع بثقافة عالية وقراءة سليمة للواقع الاجتماعي والسياسي للمنطقة، إلى جانب تعمقه في أمور الشريعة الإسلامية والفقه والدين، وإتقانه للعديد من اللغات كالفارسية، التركية، العربية، الفرنسية والانجليزية إلى جانب لغته الأم (الكردية).

بدأ نضاله السياسي مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي، عندما انضم إلى جمعية خيبون التي تأسست عام 1927.

وفي مطلع العام 1945 أسس الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى جانب عدد من رفاقه، وكانت أبرز أهداف الحزب العيش إلى جانب الأقليات الأخرى بإخاء وديمقراطية والسعي لتحويل إيران إلى دولة لامركزية ديمقراطية.

وفي الـ 22 من كانون الثاني من عام 1946 رفع العلم الكردي لأول مرة في أكبر ساحات مدينة مهاباد الكردستانية (جارجرا)، وأعلن عن قيام جمهورية مهاباد مع انتخاب قاضي محمد رئيساً للجمهورية بحضور وفود كردستانية من مختلف المناطق إلى جانب تشكيل حكومة وتسمية رئيس وزراء وتشكيل برلمان.

وما إن رأت جمهورية مهاباد النور مطلع عام 1946 حتى وجدت نفسها محاطة بجوارٍ ينظر إليها بعيني الريبة والعداوة، بدءاً من طهران ومروراً بأنقرة والهيمنة البريطانية حتى جمهورية أذربيجان التي تربصت بها، في محاولة منها لضم مهاباد إلى سلطتها.

حيث فرضت إيران بقياده الشاه محمد رضا البهلوي المدعوم غربياً، حصاراً اقتصادياً خانقاً أدى لتدهور الأوضاع الاقتصادية والعسكرية والمعيشية للسكان، تزامن ذلك مع انخفاض مستوى الدعم المعنوي والسياسي المقدم من قبل السوفييت للأقليات في إيران نتيجة صفقات متبادلة مع دول الحلفاء، حيث قرر السوفييت الانسحاب من شمالي إيران أواخر عام 1946.

وفي الـ 15 من كانون الأول 1946 اجتاحت القوات الإيرانية جمهورية مهاباد وسط مقاومة، حيث اعُتقل قاضي محمد والعديد من القياديين في الجمهورية، وحكم عليهم بالإعدام في محكمة هزلية، حيث نفذ حكم الإعدام في الـ 31 من آذار عام 1947 في ساحة جارجرا في مدينة مهاباد.

واليوم تعد جمهورية مهاباد فصلاً بارزاً في حركة الاستقلال الكردية، على الرغم من أن هذه الجمهورية لم تعش طويلاً، إلا أن إرثها لا يزال قائماً في المجتمع الكردي، ولا يزال يلهم الشعب الكردي في جميع أنحاء العالم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى