موسكو ودمشق و«الدستورية»: شقوق شكلية وتوافقات جوهرية

ظهرت خلافات شكلية بين موسكو ودمشق إزاء التعاطي مع ما تسمى اللجنة الدستورية السورية، فيما بقيت توافقات جوهرية بينهما من حيث تمسك النظام بأن هذه اللجنة «كيان سيادي» وحديث الجانب الروسي عن ضرورة «عدم فرض قيود زمنية» لعملها.

برزت خلافات شكلية بين موسكو ودمشق إزاء التعاطي مع ما تسمى اللجنة الدستورية السورية، فيما بقيت توافقات جوهرية بينهما,
وانطلقت أعمال اللجنة في بداية نوفمبر بعد الاتفاق بين النظام وما تسمى «هيئة التفاوض » على قائمة أعضائها الـمئة والخمسين والقواعد الإجرائية,
لكن الجولة الثانية التي اختتمت الجمعة الماضية انتهت إلى سراب. وفد النظام أصر على رفض التدخل التركي والأميركي والإرهاب والعقوبات الغربية, فيما حمّلت واشنطن ولندن وما تسمى المعارضة دمشق، مسؤولية «تعطيل» عمل اللجنة,
أدى هذا إلى ظهور فجوة شكلية أولى بين دمشق وموسكو. فالجانب الروسي «لم يكن مرتاحاً لطريقة التعطيل لأنه مهتم بأن تبقى العملية قائمة مسرحاً لتغطية العمليات العسكرية والمقايضات لضامني آستانا؛ لكنه لم يصل بعد إلى حد الضغط على دمشق لإعادة تسخين الخطوط مع غير بيدرسن.
وعليه، اتجه بيدرسن إلى روما والتقى سيرغي لافروف، حيث ظهر توافق في المضمون بين موسكو ودمشق. فحسب بيان الخارجية الروسية تم الإعراب عن رأي مشترك حول المساهمة في إقامة حوار مستدام ومثمر بين السوريين من دون تدخل خارجي وفرض قيود زمنية,
الخلاف الشكلي الثاني هو كيفية التعاطي مع بيدرسن. إذ أن لقاءه مع لافروف كان بمثابة تجاوز للانتقادات التي كان وجهها وزير الخارجية الروسي للمبعوث الأممي ومكتبه في وقت سابق. لكن من حيث المضمون، لا يزال موقف موسكو ثابتاً: رفض أي جدول زمني لعمل اللجنة ورفض تدخل الأطراف الخارجية.
ويقترب هذا من موقف دمشق التي كانت رفضت وضع جدول زمني لعمل اللجنة،
الخلاف الشكلي الثالث يتعلق بعملية سوتشي – آستانا. فقد كان مسؤولون سوريون قالوا إن اجتماعات اللجنة في جنيف لا تتعدى الإطار الجغرافي . أي أن مرجعية عمل اللجنة هو مسار سوتشي – آستانا وليس عملية جنيف والقرار 2254،
من جهته، أفاد بيان الخارجية الروسية أمس، بأن لقاء لافروف – بيدرسن تناول أيضاً «الأحوال في اللجنة الدستورية بعد إطلاقها ونتائج الجلستين الماضيتين في جنيف ومسألة إجراء لقاء دولي آخر حول سوريا بصيغة آستانا الشهر الجاري». وأبدت موسكو رغبة في دعوة المبعوث الأممي إلى هذا اللقاء.
أي، من حيث المضمون، لا تزال موسكو توازن بين الحفاظ على عملية جنيف لأسباب تخص علاقاتها الدولية واللعبة الكبرى مع الأميركيين والأوروبيين من جهة، ومن جهة أخرى مسار سوتشي – آستانا للحفاظ على شريكتيها الإقليميتين؛ تركيا وإيران، إضافة إلى وجود تعاون عسكري كبير بين موسكو وأنقرة شمال سوريا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى