يوم اللغة الكردية..اللغة وجود الهوية

بقدر ما يرقى مجتمع ما بلغته الأم، يكون قد ارتفع بمستوى الحياة بالمثل، وبقدر ما يخسر مجتمع ما لغته ويدخل تحت حاكمية لغات أخرى، يكون مستعمراً، ومعرضاً للصهر والإبادة بالمثل، والشعب الكردي الذي يحتفل اليوم بيوم اللغة الكردية، قاوم سياسات الصهر على مدار عقود، والآن بدأ يقطف ثمار نضاله.

يحتفل الشعب الكردي في الخامس عشر من أيار كل عام بيوم اللغة الكردية، منذ أن خصص المؤتمر الوطني الكردستاني هذا اليوم يوماً للغة الكردية عام 2006.

وجاء اختيار هذا اليوم، يوماً للغة الكردية، كونه يصادف تاريخ إصدار أول عدد لمجلة “هاوار” الأدبية الكردية، والتي أسسها جلادت بدرخان في دمشق، عام ألف وتسعمائة وأثنان وثلاثون.

واستمرت المجلة في الصدور حتى الخامس عشر من آب عام ألف وتسعمائة وثلاثة وأربعين، ثم توقفت بعد أن صدر منها سبعة وخمسون عددًا، طُبع أول ثلاثة وعشرين عددًا منها بالأحرف العربية واللاتينية، ثم اقتصرت على الأحرف اللاتينية.

واعُتبر صدور أول مجلة كردية بالأحرف اللاتينية، الحدث التاريخي الهام الذي ساهم في تحويل اللغة الكردية من لغة شفاهية كانت تستعمل فيها الأحرف العربية، إلى استعمال الأحرف اللاتينية الكردية، لها قواعدها وأصولها.

اللغة الكردية التي تعتبر من أقدم وأعرق اللغات في منطقة الشرق الأوسط مهد الحضارات الإنسانية، ولكنها تعرضت لمحاولات الصهر على يد الأنظمة الحاكمة لكردستان، ولكنها استطاعت الحفاظ على وجودها بفضل الأمهات الكرديات اللواتي واصلن الحديث بها وتعليم الأجيال جيلاً بعد جيل.

ثورة شمال وشرق سوريا واللغة الكردية

في سوريا، كانت اللغة الكردية ممنوعة ويتم الزج بمن يدرسها في السجن، ولذلك على مدار عشرات السنوات بقيت هذه اللغة تدرس سراً في المنازل، حتى انطلقت ثورة روج آفا في التاسع عشر من تموز عام ألفين واثنا عشر، ومنذ ذلك الحين بدأت اللغة الكردية تخطو الخطوات نحو الأمام.

البداية كانت بتدريس اللغة الكردية في مدارس للغة الكردية، تم فيها إعداد الكادر التدريسي، لينتقل التعليم بعدها إلى المراحل التعليمية الثلاثة (الابتدائية والإعدادية والثانوية). ومن ثم افتتاح معاهد وجامعات في شمال وشرق سوريا، يتم تدريس المنهاج فيها باللغة الكردية.

لم يقتصر تطور اللغة الكردية على التدريس في المدارس والجامعات، بل شمل أيضاً المجال الإعلامي، حيث افتتحت العشرات من الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية التي تنشر موادها باللغة الكردية.

فضلاً عن وصول الأدب الكردي إلى مرحلة الإبداع، بإصدار الكتب باللغة الكردية، فمنذ عام ألفين وستة عشر وحتى الآن صدر مئتان وستون كتاباً باللغة الكرديّة ويختلف تصنيفها بين الشعر والروايات والقصص والأدب.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى