63 عاماً ولا زالت مجزرة حريق سينما عامودا فاجعة خالدة في ذاكرة المجتمع

يصادف اليوم , الذكرى السنوية الـ 63 لمجزرة حريق سينما عامودا التي راح ضحيتها المئات من الأطفال الكرد جراء الحريق المفتعل, إذ ما يزال الجرح نازفاً، وما زالت الجريمة مقيدة ضد مجهولين في سجل التاريخ.

يصادف يوم الثالث عشر من تشرين الثاني من كل عام، الذكرى السنوية لحريق “دار سينما شهرزاد” في مدينة عامودا عام ألف وتسعمائة وستين، هذه الفاجعة عُرفت باسم “حريق سينما عامودا”؛ حيث تمت دعوة الأطفال من قبل مدير ناحية عامودا، لحضور الفيلم المصري (شبح منتصف الليل) في صالة السينما، من أجل دعم الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين آنذاك، على أن يتم إرسال ثمن التذاكر كمساهمة لدعم الثورة, علماً أن فيلم (شبح نصف الليل) لم يكن مخصصاً للأطفال.

خلال العرض الثالث الذي استقبله سينما “شهرزاد”، اندلعت شرارة من محرك العرض القديم، لتمتد بعدها النيران إلى الجدران الخشبية والأثاث، وأجساد الأطفال، ولم تكن دار السينما سوى غرفة طينية مستطيلة الشكل، سقفها من الخشب والقش، وجدرانها مغطاة من الداخل بخيش مدهون بمواد قابلة للاشتعال.

تدافع الأطفال نحو البوابة الرئيسية ما تسبب بإغلاقها نتيجة تزاحمهم، فيما قرر بعضهم القفز من نافذة تقود إلى خارج الصالة، لكن ما لم يعرفوه هو أن النافذة تطل على بئر مفتوح تحتها، ما تسبب بموت عدد منهم فيه.

سمع أهل المدينة صراخ الأطفال فتراكضوا لنجدتهم، وخلال تدخّل الأهالي سقطت عارضة خشبية من السقف وأودت بحياة شاب أنقذ نحو 12 طفلًا يدعى محمد سعيد آغا الدقوري.

وراح ضحية الحريق أكثر من مائتين وثمانين طفلاً بينهم مائتي طفل من المرحلة الابتدائية لا تتجاوز أعمارهم الاثنا عشر عاماً. وشكلت الحادثة مأساة في تاريخ المدينة والذاكرة الكردية والسورية عموماً، وقد أهملت السلطة التي كانت تتمثل بالوحدة المصرية السورية آنذاك التحقيق الجدي في الحادثة، وواظبت الحكومات المتعاقبة في دمشق على إهمال التحقيق في هذه القضية.

عقود مرت على الحادثة المؤسفة، التي أدت بحياة أجيال من أبناء عامودا، وما يزال الجرح نازفاً، وما زالت الجريمة مقيدة ضد مجهولين في سجل التاريخ، وكأن بقاء القضية مهملة معلقة يكفل بترميم جراح الأرواح، في حين أن أحداً لم ينس شهيده وفقيده.

اليوم، من بقي من أولئك الأطفال على قيد الحياة، قد بلغوا من العمر نحو سبعين عاماً، يستذكرون الفاجعة، وآثار الحروق ما تزال بادية على أجسادهم ووجوههم، يزورون كل عام النصب التذكاري الذي شُيّد في مكان الحادثة.

وعلى الرغم من اختلاف الآراء والدلائل حول ما إذا كانت مأساة سينما عامودا مدبرة، أو أن هناك جهات وأشخاص تسببوا بها عن سوء إدارة وتدبير، فإنها تبقى مجزرة يجب فتح ملفاتها والتحقيق في تفاصيلها ولو بعد مرور أكثر من ستة عقود على حدوثها.

الجدير بالذكر أن موقع مجزرة سينما عامودا تحوّل إلى حديقة تخليداً لذكرى الشهداء، وأُطلق عليها اسم “حديقة الشهداء”، وبات معلماً لفاجعة حريق سينما عامودا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى