عامان من الاحتلال والجريمة.. مستمرة

يصادف اليوم الذكرى الثانية لاحتلال مقاطعة عفرين من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته، والتي كانت ضحية لمقايضات بين القوى التي تدير الأزمة السورية، وفي مقدمتها روسيا ودولة الاحتلال التركية.

قبل عامين من الآن كانت عفرين ومئات الآلاف من سكانها على موعد مع فاجعة، لايزال هول مشاهدها معلقاً في ذاكرة السوريين عامة، والشعب الكردي على وجه الخصوص، ففي الثامن عشر من آذار ألفين وثمانية عشر أضحت عفرين ضحية لمقايضات القوى التي تدير الأزمة السورية، وتتاجر بجغرافيتها ومواردها وبشرها وحتى حجرها، وفي مقدمتها تركيا وروسيا.

عفرين الآمنة التي كانت ملجأ لعشرات الآلاف من العجّز والأطفال والنساء، الفارين من أتون الحرب التي تدور رحاها في البلاد، لم تشفع لها احتضانها للسوريين؛ كل السوريين، فكانت ضحية لمقايضات تجار الصفقات في آستانا الذين استخدموا سوريا وشعبها سلعة لتجارتهم البينية.

ففي ذلك اليوم المشؤوم دخل جيش الاحتلال التركي ومجموعاته السورية المرتزقة مدينة عفرين، غازين وناهبين، سعياً وراء أطماع طاغيتهم أردوغان، وأوهامه باستحضار ماض زائف.

وكما الجراد، أطلق أردوغان العنان لقطعان القتل والنهب والسرقة، ممن يطلقون على أنفسهم بـ “الجيش الوطني السوري” ليستبيحوا أرض الزيتون بما فيها، فكان أول مافعلوه استهداف تاريخ المنطقة وهويتها وثقافتها، حيث لازال مشهد تدمير نصب “كاوا الحداد” وسط المدينة، حاضرا في الأذهان.

وبدأت خيوط التآمر على هذه المنطقة التي حافظت على أمنها وأمانها، طوال السنوات التي سبقت احتلالها من عمر الأزمة السورية، عندما تمكن أردوغان من إبرام صفقة مع روسيا، التي فتحت أجواء المنطقة للطائرات التركية، لتصب جام حقدها على سكانها الرافضين للخنوع.

وبموجب المقايضة التركية ـ الروسية، سحب أردوغان عشرات الآلاف من مرتزقته وعائلاتهم من مناطق مختلفة من سوريا، أبرزها الغوطة الشرقية، وتسليمها لقوات حكومة دمشق.

وبينما كان أبناء عفرين وبقية الأحرار في سوريا ضمن قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق البلاد، يقارعون أشرس الإرهابيين في صفوف داعش الذي أرعب العالم، احتلت منطقتهم أمام أنظار العالم الذي بقي ولايزال صامتاً، أمام هذه الجريمة التاريخية، وحتى الولايات المتحدة التي قاتل جنودها في خندق واحد مع أبناء عفرين ضمن قسد ضد داعش، التزمت الصمت، لتتكشف صفقة المقايضات فيما بعد، والتي لازالت جارية حتى يومنا.

هجر أكثر من ثلاثمئة وخمسين ألفا من سكان عفرين الكرد من أرضهم التاريخية، ووطن الاحتلال التركي بموجب تفاهمات مع روسيا حليفة الحكومة في دمشق، مئات الآلاف من عائلات مرتزقته في منازل المهجرين، الصامدين حتى الآن في مخيمات التهجير بالشهباء على مقربة من ديارهم، على أمل العودة إلى زيتونهم وجبالهم وطرد المحتل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى