بعد أحد عشر عاماً تحولت الثورة إلى صراع على السلطة والقضية إلى أزمة ولا بوادر للحل تلوح في الأفق

أحد عشر عاماً وسوريا تعاني نصف الشعب مشرد ونصفهم ضائع ولا حلول سياسية تلوح في الأفق بينما تتمسك حكومة دمشق بذهنية الاستبداد والقمع وترفض الحوار والتغيير وما تسمى المعارضة مرتهنة لتركيا والسوريون الحقيقيون مغيبون عن المشهد.

في مثل هذه الأيام قبل أحد عشر عاماً كان الشارع السوري يغلي ووصل غضب السوريين من ممارسات السلطة الحاكمة في دمشق إلى ذروته وانفجر على شكل ثورة شملت جميع أرجاء البلاد وخرج الناس إلى الشوارع يطالبون بالحرية والكرامة والتغيير، وبالتحديد في الخامس عشر من آذار عام الفين واحد عشر بدأت أولى شرارات الثورة درعا الجنوبية؟

لم تمضي أيام حتى انضمت المدن والمناطق السورية واحدة تلو الأخرى إلى الثورة وكان لسان حال السوريين يطالب بالتغيير والعيش بكرامة، متأثرين بثورات ربيع الشعوب التي شهدتها المنطقة مثل تونس ومصر وليبيا وغيرها من دول الشرق الأوسط.

السلطة في دمشق قابلت مطالب السوريين بآلة الحرب والقوى الخارجية تدخلت لتحقيق مصالحها

مطالب السوريين المحقة كانت مبعث قلق لدى السلطة الحاكمة وبعد خروج الوضع عن سيطرتها لم يكن أمامها خيار سوى القمع والسلاح لإغلاق أفواه السوريين، حيث فتحت نيران أسلحتها على السوريين في مختلف المناطق .. وهو ما استغلته بعض الأطراف الدولية والإقليمية للتدخل وتسليح الشعب بالتالي تحويل الثورة إلى صراع مسلح على السلطة الخاسر الوحيد فيه هو الشعب السوري

تمكنت الأطراف المتدخلة من تحريف مسار ثورة السوريين السلمية المطالبة بالحرية والكرامة وتحولت إلى حروب وصراعات ودمار وتخريب وما تزال مستمرة حتى اليوم.

تعنت حكومة دمشق ورفض التغيير وتدخلات الاحتلال التركي حول سوريا إلى ساحة للصراع

أبرز عوامل هذا التحول والتحريف في مسار الثورة كانت ذهنية الاستبداد والتعنت ورفض التغيير لدى حكومة دمشق التي ما تزال قائمة بفضل تدخلات روسيا وإيران وغيرها من حلفاء دمشق .. أضف إليها التدخلات الخارجية وخاصة التركية وإرسال السلاح والمتطرفين إلى سوريا ليقتلوا السوريين.

وبعد أحد عشر عاماً من الثورة والصراع والأزمة ما تزال سوريا تعاني وحكومة الاستبداد مستمرة والسوريين إما قتلى أو مشردون أو مهجرون وتحولت البلاد إلى ساحة صراعات دولية ومناطق نفوذ ومناطق محتلة من قبل تركيا ترتكب فيها انتهاكات وجرائم بحق الشعب السوري.

الاحتلال التركي فرض الهيمنة على ما تسمى معارضة .. وتم تهميش المعارضة الحقيقية

وتمكن الاحتلال التركي من فرض الهيمنة على ما سميت بالمعارضة وتم تهميش المعارضة السورية الحقيقية التي تمثل الشعب السوري وبعض الشخصيات السورية إما منفيين في الدول الأوروبية أو مهمشين لا دور ولا تأثير لهم وكل ذلك حدث بيد تركيا وروسيا.

السوريون يرغبون في التخلص من حكم الاستبداد ويرفضون المتطرفين وعينهم على سوريا لامركزية

ولم تنجح جميع الجنيفات والاستانات وجلسات اللجنة الدستورية وغيرها في إيجاد حلول للأزمة التي ما تزال مستمرة، ويبقى السوريون يأملون في نظام ديمقراطي لا مركزي يخلصهم من حكم القمع والاستبداد ويسد الطريق أمام صعود الإسلام السياسي والمتطرفين من صعود السلطة كما حصل في مصر وليبيا وتونس سابقاً.

وأمام هذه المشهد يرى مراقبون أن مناطق شمال وشرق سوريا هي أمل السوريين في إقامة نظام لامركزي ديمقراطي تعددي للمستقبل، حيث تشكلت الإدارة الذاتية منذ تسع سنوات ويتشارك المكونات في إدارة شؤونهم ويعتقدون أنها أي الإدارة الذاتية هي النموذج الأمثل للحكم في البلاد مستقبلاً مع مراعاة خصوصية كل منطقة وإجراء تعديلات على المشروع بالحوار والاتفاق بين السوريين، وهو ما تجسد إلى حد كبير في احتجاجات السويداء قبل أيام حيث تجددت مطالب اللامركزية لمستقبل سوريا.

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى