شكّل المسرح على امتداد تاريخه الذي يعود إلى ما قبل الميلاد بنحو 6 قرون؛ ساحة مهمة للتعبير عن قضايا المجتمع، سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو ثقافية، فهو يعكس الواقع الاجتماعي ويعتبر امتداداً له في بعض الأحيان، ويؤدي دور تغيير الواقع في أحيانٍ أخرى.
ككل الفنون ونتاجات الفكر البشري، كان المسرح عرضة للاستغلال من قبل الأنظمة الحاكمة التي سعت على الدوام لفرض سيطرتها على هذه النوع المهم من الفن وتطويعه خدمة لمصالحها.
ولم يكن هذا الواقع مختلفاً في سوريا في ظل حكم البعث الذي وضع يده على كل شيء بما فيها المسرح وربطه بسلطته بشكل مباشر.
ومثلما أنكرت السلطات البعثية الوجود الكردي، جرى تهميش الكرد في الساحة الفنية أيضاً بما فيها المسرح، ولم تسمح للكرد بأي عمل فني، إلا ذلك الذي جرى تحت مظلتها، واستمر هذا الوضع إلى أن انطلقت شرارة ثورة شمال وشرق سوريا، وحققت انفتاحات في مختلف مجالات الحياة بما فيها المسرح.
في السابع والعشرين من آذار يوم المسرح العالمي لا بد من الإشارة إلى أن تاريخ المسرح في روج آفا يعود إلى المرحلة التي تلت عام 1980 عبر عروض مسرحية كانت تتم تأديتها خلال حفلات عيد نوروز والتاريخ لافت؛ إذ يفصله عامان فقط عن تاريخ إعلان تأسيس حزب العمال الكردستاني عام 1978، وعام واحد على عبور القائد عبد الله أوجلان إلى روج آفا عبر مدينة كوباني.
وفي السياق، ذكر الكاتب المسرحي، بشير ملا نواف، أنه في أعوام التسعينات كانت هناك لجنة من الكتّاب المسرحيين تعدّ النصوص المسرحية وتوزعها على الفرق المسرحية التي كانت تعمل سراً في ظل الحكم البعثي، وذكّر باسم المخرج المسرحي، محمد رسول الذي كانت له عدة أعمال حينها تم إعدادها وتصويرها وإرسالها إلى فضائية “روج”.
ومع انطلاق الثورة، باتت الفرق التي كانت تمارس عملها سراً، تعمل علناً، وأُسست فرق مسرحية في مختلف المناطق اذ أدت فرقة شاهميران التي أسسها كونفدراسيون الطلبة الكرد الوطنيين في مقاطعة عفرين، أول عرض مسرحي عام 2012
وفيما بعد تأسست فرق مسرحية في مقاطعات روج آفا الثلاث (عفرين، كوباني، الجزيرة) ولاحقاً في شمال وشرق سوريا.
وبهدف تطوير العمل المسرحي؛ افتتحت أكاديمية الشهيد “يكتا” في ناحية تربه سبيه بمقاطعة قامشلو عام 2016،وكومين المسرح عام 2019 في مدينة قامشلو وخرجا العديد من الممثلين المسرحيين.
ومنذ عام 2015، نُظمت العديد من المهرجانات المسرحية لعل أبرزها مهرجان الشهيد يكتا هركول، الذي تنطلق اليوم أعمال دورته السادسة.
كما وتتواصل الجهود للارتقاء بالفن المسرحي، حيث يجري التخطيط حالياً لإطلاق مسابقة للنصوص المسرحية الصيف المقبل في خطوة؛ تهدف إلى تنمية مواهب الكتّاب المسرحيين وتعزيز النصوص المسرحية بأفكار تجذب الجمهور.
كما يوجد مشروع قيد الدراسة؛ لافتتاح معرض للفنون المسرحية في جامعة روج آفا.
